#حديث_تنفيذي

ستة مهام جديدة للتنفيذين للقيادة في بيئة عاصفة

بقلم: بدر بن حمود البدر

في تاريخ الأعمال، يمثل الاستقرار النسبي الاستثناء لا القاعدة. وبالنظر إلى أعمال اليوم، نرى أنها تجري في بيئات معقدة ونشطة ومتفاعلة، في عالم لا يمكن التنبؤ بأوضاعه. تسارعت الدورات الاقتصادية وبالتالي تزايَد ما ينتج عن ذلك من فرص ذهبية ناشئة وتهديدات بفشل مفاجئ مرتين أو ثلاث كل عقد من الزمن بدلاً من مرة أو مرتين في قرن واحد.

وفي بيئة الأعمال العربية، تجيد شريحة واسعة من المدراء العمل في فترات الاستقرار النسبي، ولكنهم يعانون من مخاطر فقدان وظائفهم عندما تتعرض السوق لتغيرات عاصفة مفاجئة لا يمكن التنبؤ أو التحكم بها كما حدث مؤخرًا في الجائحة.

لماذا ينجح بعض التنفيذيون رغم الاضطراب والقلق والفوضى بينما يفشل آخرون؟

قد يكون ذلك بسبب القدرة على العمل الفاعل في بيئة مضطربة، أي القدرة على الازدهار في الفوضى والحصول على عوائد مضاعفة رغم تواتر الأزمات وتقلب الاقتصادات.

 

 معضلة التغيير

تتجلى (هذه القدرة أو المهارة) في زمن كورونا، المتغير الطارئ الذي دخل حياتنا. والتعامل مع هذا المتغير هو غالبًا تعامل مع معضلة وليست مشكلة.

والبداية هي أن نفرق بين المعضلة والمشكلة. فالمعضلة معقدة وغامضة ومحيرة ولا يوجد لها حل مباشر، بل عادة ما تفرض عليك الموازنة بين خيارين أو أكثر أحلاهم مر؛ لكل منها حسنات وسلبيات.

والاستجابة للمؤثرات والتغيرات الناتجة عنها في حياتنا معضلة مزمنة ومعقدة ومبهمة. صحيحٌ أن الجائحة سببت تغييرًا للجميع في طريقة التعليم والعمل، لكن تتفاوت وتتباين استجاباتنا وردود أفعالنا لهذا التغير.

وفي فترات الاضطرابات والأزمات، كل شيء يمكن أن يؤخذ من الإنسان ما عدا شيء واحد، وهو حريته في اتخاذ موقف محدد في ظروف معينة، لذا نكتب عما يبقى لنا دائما: حريتنا في اختيار كيفية الاستجابة لها.

إن الاقتصاد العالمي حاليًا في حالة يٌرثى لها، ووظائف التنفيذيين في خطر، لكننا هنا لا نتناول كيفية تدهور الأوضاع الاقتصادية، وإنما نهتم بالكيفية التي يتحول بها منظور وأداء التنفيذيين العرب من التكيف إلى الاستثمار في تدفق المتغيرات والفرص التي توفرها.

في مقابل المشكلة تتطلب المعضلة تفكيرًا مختلفًا، ربما كان رؤية وليس مجرد حل لمشكلة طارئة. فيبدأ الحل بتصور للتغيير بوصفه فرصة للتعلم والربحية، ومن ثمّ التحليل المنهجي للمتغيرات في فترات الجائحة باعتبارها فرصًا للابتكار الاجتماعي والاقتصادي، وهو خيار متاح للجميع.

 

 منظور جديد للإدارة التنفيذية

لطالما اعتقدنا أن الإدارة الناجحة تدور حول الدفع قدمًا، مما يجعل الأمور تحدث بالتغلب على العقبات وتجاوز الحدود… مما يعني المزيد من التوتر والمقاومة، ولكن السماح لمتغيرات بيئة العمل أن تتكشف كما هي، والثقة في الفرص التي توفرها هذه المتغيرات يساعدنا على إعادة النظر لقيادة الأعمال في بيئة متغيرة تتمحور حول القدرة على ركوب موجات الفرص والتهديدات عند ظهورها.

والجائحة هي موجة مد، يمكنك ركوب هذه الموجة نحو الثروة أو المقاومة والتحرك باضطراب تحت وطأتها…

وبالنظر إلى الشركات تحت ضغط الجائحة، نجد أن بعض القطاعات انتعشت تلقائيًا بسبب ملاءمة منتجاتها لطبيعة الحياة في وقت الجائحة، مثل خدمات التوصيل والتسوق الالكتروني والألعاب الالكترونية بينما تأثرت قطاعات أخرى سلبًا مثل قطاعات السفر والتجزئة التقليدية والترفيه، ولكن الملفت أن هناك بعض الشركات التي نجحت في ظل انكماش قطاعها وهي الشركات التي خاطرت بالسباحة عكس التيار الذي سبح فيه منافسيها.

ففي ظل الظروف العاصفة التي مر بها العالم، أوجد مديري بعض الفنادق حلولاً مبتكرة لتحويل الأزمة التي جعلت فنادقهم خالية من النزلاء لشهور عدة إلى فرصة تدر عليهم الأرباح، مثل تقديم عروض للموظفين الذي يعملون عن بعد شملت غرف مجهزة بمكاتب واتصال سريع بالانترنت وأجواء هادئة مستغلين بذلك إما عدم وجود مساحة كافية في المنزل أو الملل من أجواءه والحاجة إلى التغيير. كما قاوم بعض أصحاب القرار في الأندية الصحية ركود مبيعاتهم في فترات الجائحة بحلول نذكر منها توفير التمارين الرياضية لمشتركيهم أونلاين ليحافظوا بذلك على عملائهم الحاليين باستمرار توفير خدماتهم لهم ويكسبون عملاء جدد تمامًا كما في العمل من النادي. ولجأ المديرون في بعض المطاعم حول العالم إلى طرق مبتكرة لبيع أصناف الطعام التي يقدمونها بطريقة تسمح لعملائهم إعدادها بنفس الوصفة والمكونات لتناولها في المنزل. كما نظر المسؤولون في بعض مواقع التسوق الإلكتروني إلى الجائحة على أنها فرصة من الممكن الاستفادة منها لتحقيق الأرباح وذلك بتخصيص قسم يوفر ملابس مناسبة للبيت مستغلين بذلك أشهر حظر التجول الطويلة والحملات المنادية بالتزام البيوت، وغيرها من الأمثلة الناجحة في مختلف أنحاء العالم لإدارة هذة الأزمة المفاجئة والخروج منها بمكاسب.

 

مهام جديدة للمدير التنفيذي

في ظل هذه التغييرات، نحتاج إلى إعادة تعريف المهام التنفيذية للمدير في بيئة عمل متغيرة باعتبار التعريف الجديد للقيادة، وهي:

  1. الحفاظ على حالة من التوقع والانتظار النشط لدورة اقتصادية من التهديدات والفرص الناشئة تبدأ كل عام إلى ثلاثة أعوام.
  2. رفع القدرة على رؤية ما هو آت باستخدام خرائط رصد ونماذج لقراءة المعطيات المتوفرة لبيئة العمل الخارجية والداخلية.
  3. الإدراك المبكر للفرص والتهديدات الناشئة بشكل متكرر ودوري.
  4. سرعة الاستجابة للمتغيرات واختبار ما تراه فرصة لك.
  5. المناورة عن طريق إعادة تقويم وتغيير الأولويات، ونفترض هنا أن الأولويات على النقيض من الجمل المبهمة للمهمة والرؤية والغاية والاستراتيجية، هي أكثر فاعلية، وقابلة للتنفيذ والقياس ومحددة بوقت معين.
  6. إدارة عملية التنفيذ على خلفية الأولويات الجديدة، والإبحار بمهارة مع كل الموجة نحو شواطئ جديدة.

والآن، ماذا عنك؟ كيف أثرت الجائحة على عملك؟ وكيف تعاملت مع هذا المتغير؟ شاركني قصتك في التعليقات أسفل الصفحة.