بقلم: بدر بن حمود البدر
يركز الكثير من القادة عند العمل على مشاريع ومبادرات التحول المؤسسي على الوصول للنتيجة النهائية مع إغفال بعض الأمور الجوهرية التي تعد بمثابة الوقود المحرك طوال رحلة التغيير. فمع الانخراط في عملية التحول نجد أغلب اجتماعات إدارات التغيير المؤسسي تسلط الضوء على مناقشة التنفيذ والاستراتيجيات والمدد الزمنية بدون الالتفات لبعض الأمور التي يكلف فهمها وتنفيذها القليل من الوقت ولكنها تصنع فرقًا هائلًا في تسريع عملية التحول المؤسسي.
إن مبادرات التغيير مهما بلغت احترافيتها لن تؤتي ثمارها بالشكل المطلوب إذا أغفل القائد الأمور التالية:
أولًا: إقناع الموظفين بجدوى التغيير
من أخطر الأمور التي قد يقع القادة في فخها عدم بذل مجهود كافٍ في إيضاح القيمة التي سيضيفها التغيير للموظفين وكيف سيؤثر إيجابًا على البيئة من حولهم وعلى أدائهم. خصوصًا أن سيكولوجية البعض لا تستطيع أن تدعم أو تتقبل التغيير بسبب تفسيرهم له بانعدام الأمن والخوف من المجهول. لذلك فإن ترسيخ هذه القيمة سيجلي مخاوفهم، ويزيح هذا العبء عنهم، ويبعث حماسهم ويدفعهم إلى المساهمة بشكل كبير في عملية التغيير. يعد التواصل بهذا الشأن من أهم الركائز التي يستند عليها القائد في المراحل الأولية من عملية التحول، فلا يوجد تغيير حقيقي بدون تواصل فعال بين القائد وفريق عمله. لذلك يجب مشاركة الرؤية بوضوح مع الفريق والحديث عن دوافع التغيير ونتائجه بشفافية مطلقة مع الانفتاح على المساهمات والترحيب بمدخلات أعضاء الفريق من خلال طرح الأسئلة الصحيحة التي تسلط الضوء على المناطق المشتركة بينه وبينهم والاستماع بعناية إلى الإجابات. قد تقود هذه الأساليب لمعرفة الأسباب الجذرية لمقاومة الموظفين للتغيير وإعادة توجيه سلوكيات المتوجسين منه.
ثانيًا: التعامل مع التغيير على أنه عملية مستمرة
نحن نعيش في زمن التغيير المستمر والمتسارع لذلك يجب أن يتنبه القائد إلى أن التغيير ليس هدفًا يتحقق مرة واحدة في عمر المنشأة، بل هو أسلوب إدارة تظهر الحاجة له بشكل مستمر ويلازمنا بوعي أو بدون وعي، فمن المهم أن يشرح القائد طبيعة التغيير المستمرة واحتمالية تكرار هذا التغيير التحولي في المستقبل، وأن يسعى لتثقيف موظفيه حول هذا الموضوع لتشكيل ذهنيات مستعدة ومتقبلة للتغير في أي وقت. إن العمل على إعادة تشكيل فكر الموظفين حول منافع استمرارية التغيير سيزيل توجساتهم ويستبدلها بالأمان مما سيسهل على القائد أي عملية تحول في المستقبل.
ثالثًا: تحديد نوع التغيير
بمقدار أهمية العزم على التغيير تأتي أهمية اختيار نوع وأسلوب التغيير المناسبين. فالتغيير لا يكون قرارًا يتخذ بين ليلة وضحاها. عندما يقرر القائد التغيير عليه أن يسأل نفسه عن نوع التغيير المطلوب والأسلوب المناسب لتطبيقه في المنشأة، ويتأكد ما إذا كان يجري تغييرًا متعلق بهيكلة الأعمال وإدارة المؤسسة، أم تغيير مرتبط بثقافة المؤسسة أو تغيير إجرائي متعلق بالمنتجات وتقديم الخدمات وتحديث التقنيات المستخدمة. ستساعد هذه الأسئلة القائد على الانتقاء السليم لنوع التغيير وأدواته التي تلائم المنشأة مما يسهم في تحقيق أهداف التحول بسلاسة مطلقة.
رابعًا: قياس رضا الموظفين واطلاعهم على المستجدات
من المهم جدًا معرفة درجة الرضا العام للموظفين واستقصاء ردود أفعالهم حول التغيير والفهم العميق لها عن طريق الاستبانات واستطلاعات الرأي. حيث تمكن هذه الأساليب القائد من إجراء المقارنات بين عمل الإدارات والحصول على أهم المعلومات التي تساعد في توجيه سير العمل. ستتيح هذه المعلومات معرفة ما إذا كان نموذج التغيير يعمل لصالح الفريق والمنشأة، وإذا كان لدى الموظفين الأدوات المناسبة للنجاح، وما إذا كانت ثقافة المنشأة مناسبة في الوقت الحالي للتغيير وكيف يمكن تحسينها للحصول على أفضل النتائج. كما سيزيد ذلك من إنتاجية الفريق وسيشعرهم بالراحة عند التعامل مع التغيير. بالإضافة إلى أن إطلاع الفريق على المستجدات والتحديات بصورة دورية تعمق روح المشاركة وتساعد القائد على إقناعهم بجدوى التغيير بصورة أكبر عندما يطلعون على التقدم والإنجاز.
إن الفكر القيادي خصوصًا فيما يتعلق بإدارة التغيير هو فكر شمولي يتناول معادلة التحول من جميع جوانبها، فلا يصح التركيز على تحقيق الهدف بدون النظر إلى بعض التفاصيل التي يساعد العمل عليها تشكيل دعائم حقيقية لمهمة التغيير. من المهم أن يوسع القائد نطاق تركيزه حتى يستوعب كل زوايا المشهد بدون إغفال لأمور يكلف تطبيقها القليل من الوقت ولكنها تحدث فرقًا جوهريًا.