#حديث_تنفيذي

أربـعة أنماط لاتخاذ القرار .. دليل القائد

يعتقد الكثيرين أن اتخاذ القرار نابع من شخصية من يتخذ القرار، وليس خيارًا استراتيجيًا. ومن هذا المنطلق، على القادة (رئيساً ، وزيراً ، مديراً ، مسؤولاً  …. وغيرهم) أن يفهموا أن الشخصية لا يمكن أن تقف في طريق اتخاذ القرارات الحاسمة، والقيادات الناجحة يمكنها تغيير أساليبها في صنع القرار لاستيعاب متطلبات الظروف والمواقف المتنوعة للأعمال.

وفيما يلي توضيح أربعة أنماط لاتخاذ القرار styles of decision-making، ومتى تطبق، وما هو الوقت لتجربة أسلوب جديد :

 

  1. النمط التوجيهي في اتخاذ القرار Directive decision-making

الأسلوب التوجيهي في اتخاذ القرار يقوم عادةً بتحديد إيجابيات وسلبيات الموقف بناءً على ما يعرفه بالفعل. وصناع القرار الذين يتبنون هذا الأسلوب التوجيهي في اتخاذ قراراتهم هم  أناس عقلانيون للغاية ولا يتقبلون أدنى مستوى من الالتباس، وأن القرارات التي يصدرونها متجذرة في معرفتهم وخبرتهم ومبرراتهم، ولا يذهبون إلى الآخرين لطلب المزيد من المعلومات، والجانب الإيجابي لهذا الأسلوب هو أن اتخاذ القرار يتم بشكل سريع، والمسؤولية فيه واضحة، ولا يتطلب اتخاذ القرار في هذه الحالة المزيد من التواصل، ومع ذلك، يمكن – في بعض الأحيان – اتخاذ القرارات التوجيهية بتهور وقبل جمع القدر اللازم من المعلومات.

متى يستخدم النمط التوجيهي ؟

هذا الأسلوب في صنع القرار مناسب بشكل جيد للحالات التي تتميز بالاستقرار وكذلك الأنماط المتكررة والأحداث المتناسقة، والقرارات التوجيهية للحالات التي توجد فيها علاقة السبب والنتيجة واضحة وغير متنازع عليها؛ وبعبارة أخرى، توجد إجابة صحيحة ومفهومة للجميع.

دور القائد في الأسلوب التوجيهي لاتخاذ القرار

لابد للقائد أن يستشعر الموقف ويصنفه على أنه سيناريو يدعو إلى اتخاذ قرار مباشر ويستجيب له بشكل مناسب، ويتأكد من وجود أفضل الممارسات في مكان العمليات المتكررة، وعند تصنيف الموقف، تذكر أن تسأل نفسك: هل يجب علي اتخاذ هذا القرار؟ وهل لدي جميع المعلومات المطلوبة لاتخاذ هذا القرار؟

يمكنك تفويض شخص آخر إذا لزم الأمر ، ولكن عليك أن لا تنسى أن يكون التواصل بلغة واضحة ومباشرة، ومهمة القائد أن يفهم عندما يكون التواصل التفاعلي المكثف غير ضروري واتخاذ قرارات مباشرة بناءً على المعلومات المتوفرة لديه بالفعل.

علامات تدل على الحاجة لاستخدام نهج مختلف

عندما تسير العمليات بسلاسة، من السهل على القادة أن يقعوا ضحية الرضا عن الذات، وعلى القادة أن يكونوا مدركين للتعقيدات المتغيرة لحالات معينة، فإذا بدأت في استخدام القرارات المباشرة لجعل الوظائف المعقدة بسيطة، فأنت بحاجة إلى تغيير أسلوبك، وأن تدرك أن الظروف المتغيرة تتطلب تغيير أساليب صنع القرار وعدم الاستمرار بنفس النمط.

 

  1. النمط التحليلي في اتخاذ القرار Analytic decision-making

صناع القرار الذين يتبعون النمط التحليلي يقومون بدراسة الكثير من المعلومات قبل اتخاذ أي خطوة، والقادة الذين يتبنون الأسلوب التحليلي يعتمدون على الملاحظة المباشرة والبيانات والحقائق لدعم قراراتهم.

ومع ذلك، وعلى عكس صناع القرار الذين يتبنون الأسلوب التوجيهي في اتخاذ القرار، فإن صناع القرار الذين يتبنون الأسلوب التحليلي يسعون للحصول على المعلومات والنصائح من الآخرين لتأكيد أو دحض ما لديهم من معلومات، وهذه الفئة الصنف من صناع القرار يمكنها أن تتقبل درجة عالية من الغموض ولديها قابلية كبيرة للتكيف، لكنهم يحبون التحكم في معظم الجوانب لعملية اتخاذ القرار، وهذا أسلوب شامل ومتوازن لصنع القرار ولكنه قد يستغرق وقتًا طويلاً.

متى يستخدم النمط التحليلي ؟

الأسلوب التحليلي في اتخاذ القرار مفيد في المواقف التي قد تحتمل أكثر من إجابة صحيحة، واستخدم هذا الأسلوب في اتخاذ القرار لحل المشكلات التي تكون علاقة السبب والنتيجة قابلة للاكتشاف، ولكن لا تظهر على الفور.

وبشكل أساسي ، يستخدم هذا الأسلوب لاستكشاف العديد من الخيارات أو الحلول واستخدام الإدارة القائمة على الحقائق لتوجيه الإجراءات المناسبة.

دور القائد في الأسلوب التحليلي في اتخاذ القرار

على عكس الأسلوب التوجيهي في اتخاذ القرار، يحتاج القادة إلى تحليل جميع المعلومات المتاحة لهم قبل اتخاذ أي قرار بشأن مسار العمل، ولعله من المفيد تشكيل فريق من الخبراء في المجال من أجل المساعدة في اتخاذ القرارات التحليلية؛ ومع ذلك، يحتاج القادة إلى دراسة النصائح والأفكار المتضاربة بشكل واضح وصريح، وفي الوقت نفسه، يجب على القادة دراسة وجهات النظر المقدمة من غير الخبراء، من أجل الاستفادة القصوى من الأسلوب التحليلي في اتخاذ القرار.

علامات تدل على الحاجة لاستخدام نهج مختلف

الشلل أو العجز التحليلي analysis paralysis هو العلامة التحذيرية الأكثر أهمية من الإفراط في استخدام الأسلوب التحليلي في اتخاذ القرارـ فإذا وجدت العمل في حالة من الإفراط في التحليل أو الإفراط في التفكير دون أن تخطو أي خطوة أو دون التوصل إلى أي قرار، فأنت حينئذ بحاجة إلى اسقاط هذا النمط في اتخاذ القرار.

 

  1. النمط المفاهيمي لاتخاذ القرار Conceptual decision-making

الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار يتخذ منحى اجتماعيًا أكثر بالمقارنة بالأساليب التوجيهية أو التحليلية، حيث يميل صناع القرار المفاهيمي إلى تشجيع التفكير الإبداعي والتعاون ويفكرون في مجموعة واسعة من وجهات النظر، كما أن صناع القرار الذين يتبعون هذا الأسلوب هم من ذوي التوجه القائم على الإنجاز ويحبون التفكير في المستقبل عند اتخاذ القرارات الهامة.

متى يستخدم النمط المفاهيمي ؟

من المستحسن تبني الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار عند معالجة المشكلات التي تنطوي على العديد من الأفكار المتنافسة، وهذا الأسلوب لاتخاذ القرار هو الأنسب للحالات التي تتميز بعدم القدرة على التنبؤ ومناسب للأساليب الإبداعية والمبتكرة، وعند تبني هذه السيناريوهات، لن يكون هناك حل فوري، ولكن هذه الأساليب تظهر فعاليتها بمرور الوقت، وإن استخدام الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار يتعلق بالتخطيط طويل المدى وعندما تكون هناك متغيرات غير معروفة.

دور القائد في الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار

حتى يكون الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار فعالاً، فعلى القادة أن يسهموا في إيجاد بيئة تشجع التجارب التي صممت للكشف عن الأنماط التعليمية بمرور الوقت، كما يحتاج القادة إلى تحديد النقطة التي تتحقق عندها زيادة التفاعل والتواصل، وذلك بإنشاء مجموعات من الأشخاص الذين يمكنهم المساهمة بأفكار مبتكرة والمساعدة في تطوير وتنفيذ القرارات المعقدة، ويعد الصبر هنا عنصراً أساسياً، وعلى القادة أن يمنحوا أنفسهم وقتاً كافياً للتفكير.

علامات تدل على الحاجة لاستخدام نهج مختلف

إذا كان القرار الذي تحتاج إلى اتخاذه ينطوي على موقف يحتاج إلى هيكل ونتائج محددة ، فلا يجب عليك استخدام الأسلوب المفاهيمي، كما أن القرارات التي تحتاج إلى تحقيق نتائج وظروف فورية حيث لا يوجد مجال كبير للخطأ، لا تندرج ضمن الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار.

 

  1. النمط السلوكي لاتخاذ القرار Behavioral decision-making

صناع القرار الذين يتبعون الأساليب السلوكية يحاولون التأكد من أن الجميع يعملون معاً بشكل جيد، وكما هو الحال في الأسلوب المفاهيمي، الأسلوب السلوكي لاتخاذ القرار موجه نحو المجموعة، ومع ذلك ، بدلاً من العصف الذهني للحلول المحتملة، يتم منح المجموعة الخيارات المتاحة لها، وحينئذ، تقوم المجموعة بمناقشة إيجابيات وسلبيات كل خيار من هذه الخيارات، وهذا النمط من صنع القرار يأخذ في الاعتبار العديد من وجهات النظر والآراء المختلفة في العملية.

متى يستخدم النمط السلوكي ؟

كما هو الحال في الأسلوب المفاهيمي لاتخاذ القرار، يتطلب الأسلوب السلوكي اتصالًا مسبقاً، حيث يتخذ هذا الأسلوب نهجًا أكثر استباقية من خلال مناقشة الحلول التي نجحت في الماضي بدلاً من محاولة الكشف عن أنماط جديدة.

دور القائد في الأسلوب السلوكي لاتخاذ القرار

يحتاج القادة إلى فتح خطوط اتصال بهذا الأسلوب في صنع القرار، وبإنشاء مجموعات من الأشخاص الذين يمكنهم المساهمة بآرائهم وتشجيع المناقشات الديمقراطية، وعند استخدام الأسلوب السلوكي لاتخاذ القرار، لا يفرض فقط مسارًا للعمل، وبدلاً من ذلك يبحث عن القرار الذي يخلق قدراً أكبر من الانسجام داخل المنظمة.

علامات تدل على الحاجة لاستخدام نهج مختلف

إذا لم تتوصل جلسات المناقشة الجماعية إلى الاتفاق مطلقًا، فقد تحتاج إلى التفكير في أسلوب آخر، وفي المقابل، إذا لم تظهر أفكار جديدة، أو لم يقم أحد بتحدي الآراء المطروحة، فقد لا يكون الأسلوب السلوكي لاتخاذ القرار هو الخيار الأفضل.

وفي حين أن هذا الأسلوب في اتخاذ القرارات يصلح للمجموعة ككل، فإنه يتطلب قائدًا يتسم بالجزم والحسم لإنجاز الأمور، وإذا لزم الأمر، يبحث القائد عن الطرق والتجارب التي يمكن من خلالها إجبار الناس على التفكير خارج ما هو مألوف.

   القادة ذوي النفوذ والتأثير يتعلمون كيف يغيرون أساليبهم في صنع القرار حتى يتناسب مع الظروف التي أمامهم، حيث تتطلب بعض السياقات والمواقف المختلفة استجابات إدارية فردية وأحيانًا أساليب متعددة لصنع القرار، ومن خلال فهم الأساليب المختلفة لاتخاذ القرارات – والبقاء على اطلاع على علامات التحذير – يمكن للقادة تعلم الكيفية التي يمكن أن تعينهم على اتخاذ قرارات بشكل أفضل في مجموعة متنوعة من السياقات المعقدة.

المصدر: enterprisersproject.com

ترجمة : مدونة سليمان البطحي